Skip to content

مجزرة الجورة والقصور..13 عاماً على المأساة

في أيلول عام 2012 أرسل النظام حملة بربرية لاقتحام الأحياء التي خرجتْ عن سيطرتِه، قبل ذلك كانت اشتباكاتٌ تدور هنا وأخرى هناك، وقصفٌ من الجبلِ على الأحياء المحررة، في المقابل سيطرةٌ للنظامُ على أحياءَ واسعةٍ، مما اضّطَرَّ الأهالي للنزوحِ إليها خوفاً من الموت قصْفاً أو قنْصاً.

حينها بدأ النظام البائد يحشد قواته في معسكر الطلائع استعداداً لاقتحام الأحياء المحررة وفي مقدمتها الجبيلة والحميدية.

أهالي حيي الجورة والقصور والذين يقبعان أساساً تحت سيطرته كانا خاليين تماماً من أي تواجد لعناصر الجيش الحر، والناس فيها يمارسون حياتهم اليومية بشكل معتاد، لكنّ النظام البائد والذي لم يفرق بين حي وآخر أومنطقة وأخرى كان له رأي آخر ومخطط قذر،
وهو ما لم يكن بالحسبان.

مهّد النظام لاقتحام الأحياء المحررة، والتي كان محاصراً لها من جميع الأطراف بقصف عنيف لم تشهد المدينة مثله، المدافع من الجبل والراجمات والهاونات من المرابض العسكرية، والطائرات في السماء منها ما يرمي بالصواريخ وأخرى ترمي البراميل.

كان ذلك في الثلاثاء الموافق للـ 25 من شهر أيلول عام 2012، أو ما بات يعرف لاحقاً باسم الثلاثاء الأسود إشارة للمجازر التي ارتكبها النظام المجرم بحق المدنيين العزل.

صبيحة الثلاثاء الأسود ودون سابق إنذار باشر النظام اقتحام حي# الجورة، المدنيون لم يكونوا يعلمون أنهم سيقعون ضحية أبشع مجزرة ارتكبها النظام من بين مجازره في ديرالزور، فلم يخيل لأناس كانوا في بيوتهم أن يقتحم النظام البائد منزلهم ويقوم بتصفيتهم بينما هم يحتسون الشاي !!!

من ثلاثة محاور تم اقتحام الحي مع تفتيش كامل المنازل وإخراج جميع الذكور كباراً وصغاراً شيباً وشباباً، وقد حصل الناشطون آنذاك على مقطع يظهر صلب الناس على حائط مسجد التوبة يظهر فيه عشرات المدنيين، قبل أن تتم تصفيتهم بدم بارد.

في اليوم ذاته ومع حلول عصر ذلك اليوم الذي أُمطرت فيه الأحياء بالقذائف لبثّ الرعب في صفوف قاطنيها، غير أن مجموعة من تلك القذائف سقطت على حي القصور موقعة عشرات القتلى والجرحى في صفوف المدنيين، ليكونوا هم جزءاً من تلك المذبحة لكن بسلاح آخر هو مدافع النظام العوراء التي كانت ترمي حممها يميناً وشمالاً جاعلة من الأحياء السكنية ساحة تدريب لها.

وفي الوقت الذي لم يستفق منه أهالي حي الجورة من هول الفاجعة ولم يعرفوا السبب الذي دعا النظام لتصفيتهم كيف هذا وهم يسكنون في منطقة تقبع أساساً تحت سيطرته، وقبل الغروب وهم يجمعون قتلاهم ويعالجون من نجا أو من بقي على قيد الحياة، إذ يقتحم النظام أحد المراكز الطبية الموجودة في حي الجورة ليقوم بتصفية كل من فيها.

غربت الشمس ومعها ارتقت مئات الأسماء ممن لا ذنب لهم ولا حول ولاقوة إلا بالله.

في اليوم التالي والموافق لتاريخ 26/09/2012 والذي لم يكن بأقل وطأة من سابقه ولا أخف من إجرامه مع نظام اعتاد على الإجرام وسيلة للبقاء، ولو على حساب جثث الأطفال.

وعلى إثر المذبحة، اجتمعت قيادات من الجيش الحر في مبنى النفوس لاتخاذ التدابير اللازمة، والدفاع عن أهلهم وذويهم الذين تعرضوا لمجزرة لا مبرر لها، لا سيما وأن كتائب الجيش الحر لم تكن متمركزة في حيي الجورة والقصور ليكونا ملاذاً للمدنيين ولكي لا يعطوا النظام البائد مبرراً لقصفهما كباقي الأحياء.

لكن الرياح لم تجرِ كما اشتهت لها سفن الجيش الحر، إذ استطاع النظام البائد وعبر أذرع باعت ضميرها ووطنها وخانت أهلها أن يحدد موقع الاجتماع لتنقض طائرة ميغ تابعة للنظام البائد وتقون يقصف المبنى، موقعة مجزرة أخرى لا تقل عن نظيراتها، غير أنها استهدفت هذه المرة أبرز القياديين العسكريين وعلى رأسهم الشهيد البطل خليل البورداني قائد كتائب محمد العاملة في الجيش الحر، والإعلامي عبدالعزيز الشيخ (أبو عمر الديري) بالإضافة إلى العشرات بين قتيل وجريح.

تلك الفاجعة أربكت الصفوف وخلطت الأوراق، وقد وثق ناشطون قرابة مئة شهيد فقط في مجزرتي القصور والنفوس، ناهيك عن مئات الشهداء في حي الجورة في اليوم الأول للمذبحة الكبرى.

وفي الوقت ذاته كان النظام يكمل مذابحه بحق المدنيين، صور مأساوية، ومقابر جماعية، إذ لا ينتهي الأهالي من دفن كوكبة من الشهداء حتى يفجعوا بأخرى حتى ضاقت الحدائق ولم تعد تتسع.

حاول الجيش الحر التصدي آنذاك للحملة المسعورة والتي كان قوامها قرابة 5000 مقاتل غالبيتهم من الحرس الجمهوري والفرقة الرابعة بالإضافة إلى عناصر من الحرس الثوري الإيراني المتعطشة للدماء والتي تتفنن في أساليب القتل والرقص فوق الجثث.

قرر الجيش الحر تحت وطأة القصف وحرصاً على أرواح المدنيين التراجع إلى حي الجبيلة، منعاً من منح النظام المجرم فرصة لتدمير حي القصور، بعد أن أثخنت الكتائب في نظام الأسد وتمكنت من قتل قائد الحملة علي خزام الذي أعطى الأوامر بالمجازر، لكن النظام ورغم انسحاب الجيش الحر قرر أن يكمل مذبحته على النهج الدموي الذي انتهجه، مرتكباً أشنع المجازر بحق النساء والأطفال إذ قام بتصفية.

عوائل بكاملها، كان من بينهم الناشط الإعلامي محمد فياض، ومدرب ألعاب القوى راني خريط وأسماء كثيرة لا يعلمها إلا الله.

كان اليوم الرابع هو آخر أيام أكبر جريمة وقعت على ضفاف الفرات بعد أن امتزج لون الماء بالدماء، وقد تضاربت الروايات حول العدد الكلي للمجزرة.

ناشطون وثقوا أكثر من 500 شهيد بينهم نساء وأطفال، فيما رجح بعض الأهالي أن الرقم يتجاوز هذا بكثير لا سيما مع كمية المفقودين الذين لم يعرف مصيرهم مقدرين الرقم بقرابة 900 شهيد.

وأياً كان الرقم فإن أهالي المدينة لن ينسوا ما عاشوه، ولن تغيب عن ذاكرتهم مشاهد القتل والذبح على يد عصابة مجرمة سفاحة سفّاكة للدماء.

This Post Has 0 Comments

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top