أكثر من 13 شهرٍ مرّت على بدء حرب الكيان الصهيوني على قطاع غزة المُحاصر، وأكثر…
النزاع الكامن في المنطقة بين الكوادر العربية والكردية ودور التحالف الدولي وأثره فيها
غير خافٍ على أحد أن البلاد برمتها كانت تعيش حالة من النزاع الكامن قبل عام 2011م على الصعيد السياسي والاقتصادي وعلى مستوى الحريات، وهذا ما عجّل بانطلاق الحراك الثوري ضد نظام الأسد في أغلب المدن السورية، ثم انطلقت مرحلة قتال فصائل الثورة لتنظيم داعش امتدت طيلة سبعة أشهر لم تلقَ فصائل الثورة خلالها أي دعم لا من التحالف ولا غيره! وإذا تجازونا وانتقلنا إلى فترة بدء التحالف الدولي بمحاربة “تنظيم الدولة” في سوريا والعراق، حيث اعتمد التحالف الدولي على قسد “قوات سورية الديمقراطية” والتي تشكل القوة الكردية عمودها الفقري، وانضم إليها في وقت لاحق عناصر من المكونات الأخرى بما فيها المكون العربي في المنطقة، وقد استطاع التحالف الدولي معتمداً على سلاحه الجوي و قوات سورية الديمقراطية على الأرض السيطرة على شرق الفرات من ضفاف الفرات في مناطق ريف دير الزور وصولاً إلى الحدود العراقية، ومع سيطرة الوافد الجديد هذه على المنطقة وضع يده كذلك على مقدراتها وخيراتها.
اتضاح زيف شعارات قسد واستئثارها بخيرات المنطقة:
استبشر سكان المنطقة خيراً بالوافد الجديد وخاصة أنه روّج لأفكاره التي تمثل قيم الحرية والديمقراطية والعدالة والكرامة الإنسانية وغيرها من الشعارات الرنانة..، ولكن ما إن مرت الأيام والشهور حتى اتضح للجميع كذب هذه الشعارات حيث بدا واضحاً تسلطهم على المنطقة من خلال فرض عدد كبير من الكوادر الذين توزعوا عبر شقين مدني وآخر عسكري، وأضحت القرارات بيد “اللوبي المرتبط بجبال قنديل” وأصبح المكون العربي في دياره و جغرافيته لا يملك من الأمر شيئاً، كل ذلك بسبب انحياز التحالف الدولي المطلق للمكون الكردي على حساب المكون العربي، فاستأثرت قسد ممثلة بالمكون الكردي على القيادة والإدارة العسكرية منها والمدنية، فهذه الكوادر توزعت في الإدارات صغيرها وكبيرها، وأصبحت لهم كلمة الفصل وانفردوا بالرأي انفراداً مطلقاً، وعملت هذه الكوادر على نهب خيرات البلاد وسرقتها ويأتي في مقدمتها النفط الذي يُتعمد إيصاله إلى مناطق سيطرة نظام الأسد المجرم عبر الطرق البرية، على مرأى ومسمع الجميع بما فيهم التحالف الدولي الذي يدعي أن وجوده في المنطقة لمنع وصول النفط إلى أيدي المجرمين! ولكن المضحك المبكي أن قسد تقوم بإيصاله للنظام، في وقت تشكو فيها المنطقة ارتفاعاً في أسعاره، وشحاً في عرضه في بعض الأوقات وخاصة وقت ذروة الطلب عليه، ولا يختلف الحال إن تحدثنا عن انطلاق عملية التنمية التي وعد بها التحالف الدولي، رغم الإمكانات الهائلة التي تُجنى من نفط المنطقة وثرواتها ولكن بسبب الفساد والمفسدين لم يلتفت أحدٌ إلى حال الأهالي الذين يعانون ويقاسون ظروف الحياةهناك، فلا صحة ولا تعليم ولا خدمات ولا أمن!
قيادات الكرد يختارون من يقدمونهم في قسد:
تلك هي قسد من أجل تثبيت سلطتها في المنطقة وفرض أجندتها وتمرير سياساتها اعتمدت على شخصيات مفتاحية في المنطقة استطاعت كسبهم لصفها و قدمتهم على أنهم هم فقط من يمثلون المنطقة وأهلها، مقابل بعض المزايا التي منحتهم إياها كـ( مهمة يتجول فيها أحدهم في منطقته أو توظيف أحد أبنائه، أو إخراج بعض المعتقلين لديها، أو إعطائه قطعة سلاح “كلاشنكوف”..) وهكذا كلما ارتفعت قيمة الدور الذي تؤديه الشخصية تُمنح معها مزايا أفضل، ويتم تشغيل هذه الشخصيات في الهوامش لتأدية دور يخفف عنهم الضغط الشعبي كالعلاقات العامة الهامشية أو كعناصر مرتزقة فلا رأي ولا قرار، والذي ساعد قسد في ذلك هو استخدامها ورقة تنظيم داعش و “بعبعه” في المنطقة، من خلال إبقاء المنطقة غير مستقرة لكسب مزيد من الدعم الدولي والعزف على وتر محاربة الإرهاب! إضافة إلى الاعتقالات التعسفية بحق المناوئين لسياساتها وأجندتها في المنطقة، بينما تسرح قيادات تنظيم الدولة في المنطقة مقابل رشا تُدفع لقيادات قسد، وخير دليل على ذلك قيام التحالف باعتقال قيادات من الصف الأول للتنظيم بين الحين والأخر.
وعلى الرغم من المحاولات التي سلكتها عدة أطراف من المكون العربي في سبيل الوصول إلى التحالف الدولي مباشرة وإيصال صوتهم إليه، لكن قيادات قسد كانوا شديدي الحذر حيال هذه القضية فقد قطعوا الطريق على كل من أراد اللقاء المباشر بالتحالف وقدموا شخصياتهم المحسوبة عليهم على أنها تمثل المكون العربي في المنطقة، وهذه الشخصيات في الغالب شخصيات منتفعة جاهلة هزيلة غير وطنية ولا علمية، وميولها نحو قسد ونظام الأسد المجرم ضاربة بعرض الحائط مصلحة المنطقة و أهلها، وهذا ما يُظهر المكون العربي بهذه الحالة من الضعف والضمور.
ومن خلال ما سبق نوجز ونقول: إن المنطقة تعيش نزاعاً كامنا قابلاً للانفجار بأي لحظة وقد أرسل هذا النزاع عدة إشارات تطفو على السطح بين الحين والآخر بين المكون العربي والمكون الكردي المتمثل بقيادته الحالية كان آخرها منذ عدة أيام إذ تمر المنطقة بحالة احتقان بين الكوادر العربية والكردية إضافة إلى ما سبق ذلك من بدء تململ المكون العربي وقياداته الرافضة لسياسات قسد في المنطقة وطريقة تعاطيها مع ملف النظام والنفط والقيادة والإدارة والمعابر النهرية التي تصرّ قسد على استمرار عملها بسبب ما تجنيه منها من أموالٍ طائلة على حساب لقمة عيش الناس، وصحتهم، إضافة إلى اللقاءات المتكررة مع رجل نظام الأسد الأول “علي مملوك” لبحث مصالح مكون “اللوبي الكردي المرتبط بجبال قنديل” بعيداً عن مصالح الشعبين العربي والكردي بل والتضحية بهم وتسليمهم للنظام المجرم مقابل استمرار سير مصالحهم، مما ينذر بدخول المنطقة بموجة صراع دائم ما لم يتم تدارك الوضع قبل فوات الأوان، وعودة المنطقة إلى مربعها الأول.
طرحٌ يُوضع باسم الوجهاء والكفاءات العربية أولاً بأخذ دورهم وفرض أنفسهم لإنقاذ أهلهم وباسم قيادات قسد وتابعيهم ثانياً بأن يكفوا عن استبدادهم وتسلطهم على خيرات المنطقة ومقدراتها.. فهل من مجيب؟!
كتبه لنداء الفرات: عمر عبدالله _ ناشط ميداني
This Post Has 0 Comments