أكثر من 13 شهرٍ مرّت على بدء حرب الكيان الصهيوني على قطاع غزة المُحاصر، وأكثر…
ما بين “البعث و “روج آفا”.. قتلٌ للعلم أم أدلجة أفكار؟
شكّل التعليم السوري خلال عشرات السنين نموذجاً فريداً من نوعه لجميع الدول العربية وذلك لأسباب عديدة أهمها الطالب السوري وجديته وما يمتلكه من مهارات ميزته عن أقرانه وجعلته مثالاً يُحتذى به إضافةً إلى تكريس جهده ووقته لطلب العلم في كافة المجالات مما ولّد جيلاً متعلماً واعياً، وهنا وجب التنبيه إلى أن نظام الأسد كان من أهم العقبات التي أصبحت عائقاً أمام هذا الجيل المتعلم واتضح ذلك في جوانب عدة لعل أهمها هجرة تلك الخبرات والكوادر من واقعٍ مأساويٍ بغرض البحث عن وظيفة وحياةٍ أفضل وتطورت هذه العقبات إلى حربٍ جلية واضحة خلال سنوات الثورة، فهدم النظام المجرم المدراس ودمّر الجامعات واستهدف كل منشأة أو مركزٍ يخصّ أو يمت للتعليم بصلة الأمر الذي أثّر بشكلٍ كبير على تعلم أبناء سوريا عموماً وأبناء المنطقة الشرقية خصوصاً فضلاً عن اعتقال الشباب في مناطق سيطرته وزجهم في حربه ضد أهلهم وشعبهم.
التعليم خلال الثورة:
لم تكتفِ عصابات النظام بتهميش الخريجين ودفعهم للسفر خارج البلاد بل صبت كل جهدها خلال الثورة على حرب التعليم وأهله فاستهدفت الكوادر والعلماء بالاعتقال أو النفي أو القتل الأمر الذي دفع بالكثير منهم إما إلى الخروج من البلد أو الانضمام لصفوف الثوار إضافةً لاستهداف دور التعليم في المناطق المحررة بالقصف وهدمها من قبل العصابة خلال 10 سنوات مضت، كما سخرت كل مجرميها وشبيحتها في ملاحقة المتعلمين والمثقفين وذلك أنهم يشكلون خطراً حقيقياً على عصابة مجرمة لاتعرف سوى لغة القتل والإجرام وهدم العلم فكان للثورة النصيب الأكبر من أبنائها أصحاب الخبرات، ورغم ذلك الواقع الصعب فإن الفترة التي كانت تسيطر فيها فصائل الثورة على المنطقة الشرقية قد شهدت إقبالاً على المعاهد و المساجد وحِلق تحفيظ القرآن ونشراً للفضيلة وتنميةً للأخلاق الحميدة.
قسد والتعليم:
بعد تلك السنوات وما مر من أحداث لا يتسع مقام لذكرها وحين سيطرت قسد على مناطق شرق الفرات وطردت تنظيم الدولة مدعومة بقوات التحالف الدولي كان التعليم أحد ضحايا تلك الحرب فبعد الاستقرار النسبي لقسد في المنطقة عملت هي الأخرى على تكريس مناهجها وذلك من خلال فرضها على مجتمع لا تتناسب مع عاداته وتقاليده إطلاقاً مع ما تحويه تلك الكتب التي طبعتها إدارة قسد على عجل محاولةً ترسيخ أيديولوجية أوجلان وروجافا على حساب الدين والقيم الأصيلة للسكان حيث نجحت في فرض منهاجها في بعض المناطق في شمال سوريا إلا أنها واجهت رفضاً تاماً لتدريسه في غالبية المنطقة الشرقية وخاصة من أبناء أرياف ديرالزور.
منهاج قسد الجديد ومحاولات فرضه:
لم تدخر قسد ولا إدارتها جهداً في محاولة فرض منهاجها التدريسي والذي كتبته أيدٍ طائفية حاقدةٍ على الشعب المسلم المحافظ ولذلك لاقت رفضاً قاطعاً لهذا المشروع في خطوة وصفها أساتذة المنطقة ومعلموها بأنها محاولة لجرِّ الشعب إلى الانسلاخ من دينه وأخلاقه لما يحويه المنهاج من مغالطات كثيرة إضافة إلى وجود مواد تحث على الشذوذ والانحراف ونشر الرذيلة بين أوساط الشباب في حين وصفه آخرون بأنه يعزز الطائفية في نفوس الشعب في شمال شرق سوريا عندما يختصر تاريخ المنطقة وحضارتها ببعض الأحداث والرموز المحسوبة عليه فقط.
إن هذه الوقفة المشرفة لأبناء المنطقة الشرقية واجتماعهم ضد مشروع قسد والذي يهدف للنيل من قيمنا الإسلامية وحضارتنا الأصيلة من شأنه أن يجعل قسد تحسب الحساب لهم في أي خطوة مستقبلية قد تُتخذ في مناطقهم، كما توالت المناشدات الداخلية والخارجية بمقاطعة المنهاج الذي وُصف بالمشوه كما اعتبره كثيرٌ من المعلمين بأنه بمثابة حرب على الدين والعادات والتقاليد فتعالت الأصوات الثورية والمدنية بإيقاف هذه المهزلة وسط دعوات الأهالي لسحب قسد مشروعها الذي لا ينسجم مع طبيعة المجتمع وأساليب حياته، كما أن له أهداف بعيدة المدى في التأثير على جيل الشباب وغرس أفكار الانحراف داخلهم بغية إشغالهم عن النهوض بمجتمعهم، في الوقت الذي يُعدُّ فيه الإبقاء على منهاج اليونيسيف التابع للأمم المتحدة أفضل الموجود في ظل واقع المنطقة الشرقية وتقاسمها من قبل القوى الدولية.
This Post Has 0 Comments