Skip to content

ازدواجية المعايير ، كيف تصنف قسد أعدائها

ضمن المساحة الجغرافية السورية الممزقة ما بين أراضٍ محتلة يسيطر عليها النظام المجرم وإيران وأراضٍ محررة تديرها فصائل الثورة السورية هناك مساحة جغرافية واسعة وبالغة الأهمية تسيطر عليها ما تُعرف بقوات سوريا الديمقراطية (قسد) التي تشكلت عام ٢٠١٥ من تجمع لفصائل عديدة أهمها وحدات حماية الشعب الكردية والتي تُعتبر عماد هذه القوات وهي امتداد لحزب العمال الكردستاني المصنف على لوائح الإرهاب لدى الولايات المتحدة والاتحاد الأوربي وتركيا.

كان الهدف المعلن من تشكيل هذه القوات هو محاربة تنظيم داعش حيث قدم التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة – التي تضع حزب العمال الكردستاني و ذراعه في سوريا وحدات حماية الشعب على لوائح الإرهاب- دعماً مفتوحاً بالمال والسلاح وقدم للوحدات الكردية المظلة السياسية وأعطاها الشرعية الكاملة للسيطرة على ما يقارب ثلث مساحة الجغرافية السورية في محافظات ديرالزور والحسكة والرقة وحلب وهي مناطق ذات غالبية عربية وخزان سوريا البشري والاقتصادي حيث تضم أكبر وأهم حقول النفط والغاز في البلاد بالإضافة إلى العديد من الثروات الأُخرى ، وعلى الرغم من أن مَن انتزع معظم هذه المناطق من قبضة داعش هم فصائل عربية ضمن قسد كفصيل ثوار الرقة الذي فككته قسد فيما بعد ومجلس ديرالزور العسكري وغيرهم إلا أن الوحدات الكردية تفردت بالسيطرة على مقدرات منطقة شرق الفرات بالكامل وعملت على تهميش المكون العربي بشكل كبير.

●قسد تتعاون مع النظام

بالعودة إلى صلب موضوعنا فإن قسد لديها العديد من الأعداء وأيضاً لديها حلفاء لكن ما هو تصنيف النظام بالنسبة لقسد هل هو حليف أم عدو ؟

على الصعيد السياسي صرح فرهاد عبدي شاهين المعروف ب”مظلوم عبدي” قائد قسد في أكثر من مناسبة أن قواته جزء من المنظومة الدفاعية في الجيش السوري -يقصد عصابات النظام- وأنهم يُعتبرون جزءاً من النظام الحاكم في سوريا.

وزارت وفود قسد وعلى رأسها ”إلهام أحمد” رئيسة المجلس التنفيذي في الإدارة الذاتية التابعة لقسد العاصمة دمشق بشكل رسمي عام ٢٠١٨ ، ودعت قسد حينها عصابات النظام إلى حوار وطني ”غيرمشروط” من أجل إشراكهها في حكم البلاد.

وعلى الصعيد العسكري لم تكتف قسد بالتصريحات الإعلامية إنما ترجتمتها إلى أرض الواقع في مرات عديدة ففي العام ٢٠١٩ قامت قسد بالسماح لعصابات النظام بالتوغل في الأراضي التي تسيطر عليها بريفي الحسكة والرقة بحجة منع الهجمات التركية على مناطقها وتتعاون قسد مع النظام في عدة مناطق أخرى كحي الشيخ مقصود ذو الغالبية الكردية في حلب -والذي تسيطر عليه قسد- والمربع الأمني الذي يسيطر عليه النظام في مدينة الحسكة ومطار مدينة القامشلي الذان يقعان وسط مناطق سيطرة قسد وهذا التعاون ليس وليد اليوم والأمس إنما تعود جذوره إلى بدايات الثورة السورية حيث كشفت وثائق رسمية مسربة عن قيام عصابات الأسد بتسهيل دخول عناصر الوحدات الكردية -التي تهيمن على قسد الآن- إلى البلاد وإشراف جيش النظام على تدريبهم وتسليحهم في عام ٢٠١٢ .

أما على الصعيد الاقتصادي تقوم قسد بتصدير النفط لعصابات النظام عبر ميليشيا القاطرجي على الرغم من قانون عقوبات قيصر الذي أقرته الولايات المتحدة -التي تدعم وترعى قسد- على النظام والذي يحظر على أي جهة التعامل معه اقتصادياً.

●عداء قسد للعصابات الأسدية :

الناظر لحال قسد من الزاوية التي أسلفناها يرى أنها ليست حليفاً للنظام فحسب بل هي جزء لا يتجزىء منه لكن في المسار ذاته يرى النظام أن قسد ميليشيا انفصالية وغير شرعية بل ولا يعترف بها أيضاً ، أما قسد التي تعتبر نفسها جزءاً من النظام فقد عمدت إلى اتهامه في مناسبات عديدة بإدخال العملاء إلى المناطق التي تسيطر عليها وكان آخرها حين قامت انتفاضة العشائر العربية ضد قسد في ريف ديرالزور أواخر شهر آب المنصرم حيث عمدت قسد إلى شيطنة الانتفاضة واتهام النظام بالوقوف ورائها عبر عملائه في المنطقة وأطلقت ما يُسمى بعملية ”تعزيز الأمن” للقضاء على خلايا النظام في ريف ديرالزور في الوقت ذاته تعاونت قسد مع النظام في مدينة الحسكة للقضاء على ميليشيا الدفاع الوطني التي تمردت على النظام بالإضافة إلى مساندة عصابات الأسد لقسد خلال هجوم أبناء العشائر على مناطق سيطرة قسد في منبج بريف حلب وتدخل الطيران الروسي لحماية قسد !

التوترات هذه ليست بجديدة ففي العام ٢٠٢١ اندلعت اشتباكات عنيفة خاضتها الوحدات الكردية ضد ميليشيات الأسد في حي طي بمدينة القامشلي شمال الحسكة نتج عنها العديد من القتلى والجرحى في صفوف الطرفين لتحسم المعركة لصالح قسد . وفي عام ٢٠٢٢ قامت عصابات الأسد بفرض حصار تام على حي الشيخ مقصود في حلب حيث تنتشر الوحدات الكردية وقامت حواجز النظام بمنع دخول المواد الغذائية والطبية إلى الحي لترد قسد بفرض حصار على المربع الأمني في مدينة الحسكة ومطار القامشلي واستمر الحصار المتبادل عدة أيام لينتهي بوساطة روسية.

كل هذه التوترات والمعارك لا ترقى لمرحلة يمكن وصفها بالعداء بين الطرفين لأنها تنتج عن تضارب المصالح بين الطرفين وسرعان ما ينبثق الحل من حلفائهم لضمان بقاء الطرفين في مواجهة الثورة السورية فقط وإلا فهل من الممكن أن يكون النظام المجرم وطنياً لدرجة أن يتفاهم ويتصالح مع فصيل أو قوات ليست تحت سيطرته وحكمه حتى وإن كان ذلك شكلياً.

في الواقع النظام الذي يحكمه المجرم بشار الأسد هو نفسه وسياسته هي ذاتها لم ولن يغيرها لطالما استمر في حكم ما تبقى من البلاد .

لكن يبدو أن قسد قد ورثت سياسة الكيل بمكيالين من داعمها الرئيسي -الولايات المتحدة- فتارة هذا النظام إرهابي وعدو وتارة هو حليف وصديق ..

إعداد وتحرير : قاسم الفارس

This Post Has 0 Comments

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top