أكثر من 13 شهرٍ مرّت على بدء حرب الكيان الصهيوني على قطاع غزة المُحاصر، وأكثر…
رئيس المجلس المدني لمهجري الشرقية “غسان السيد أحمد” يكشف لشبكة “نداء الفرات” تفاصيل اللقاء الذي جمع عدداً من نخب المنطقة الشرقية مع الصحفي السويسري “باتريك هايني”
حوار صحفي
بعد تجوله في أغلب مناطق ريف ديرالزور والحسكة والرقة التي تسيطر عليها قسد بدعم التحالف الدولي، وصل الباحث والكاتب السويسري “باتريك هايني” إلى إدلب وريفها، حيث يحمل في جعبته الكثير من التفاصيل والردود على التساؤلات المتعلقة بمنطقة شمال شرق سوريا، والأوضاع العسكرية والأمنية والمعيشية لأهالي المنطقة هناك.
وللوقوف على تفاصيل المنطقة عموماً والسياسة الأمريكية إزاء الوضع العسكري والأمني في ظل تقاسم النفوذ بين قوات قسد والنظام المجرم بدعم الاحتلال الروسي والإيراني، أجرت شبكة “نداء الفرات” حواراً خاصاً مع مسؤول المجلس المدني لمهجري الشرقية في الشمال المحرر “غسان السيد أحمد أبو إلياس”، عقب اللقاء الذي جمع بين أعضاء المجلس ونخبة من مثقفي الشرقية وكوادرها من جهة والصحفي “هايني” الباحث في علم الاجتماع وصحفي أمريكي آخر من جهة أخرى.
أستاذ “غسان” بداية لو تحدثنا قليلاً عن الهدف وراء هذا اللقاء الذي جمع بينكم وبين الصحفي، وأبرز الأسئلة التي وجهها لكم؟
“غسان السيد”: جاء هذا اللقاء من ضمن الجولة التي أجراها الصحفيان السويسري والأمريكي في مناطق الشمال السوري، حيث تم ترتيبه بناءً على وصول الصحفيين من مناطق سيطرة قسد في المنطقة الشرقية، للحديث عن أحوال المنطقة والتعرف أكثر على الخطة المستقبلية للوجود الأمريكي فيها، بالتزامن مع الوجود الروسي والإيراني، بالإضافة إلى نقل الصورة الصحيحة عن أوضاع الآلاف من أبناء المنطقة الشرقية المهجرين، ومن أبرز استفسارات الصحفي في البداية كانت تدور حول المجلس المدني وآلية عمله والمهتم بكافة الأوضاع الإنسانية للأهالي النازحين من أبناء محافظات ديرالزور والرقة والحسكة إبان سيطرة تنظيم داعش عليها في عام 2014، مما اضطر مئات العوائل للهروب من بطش عناصر التنظيم، فكانت الوجهة إلى مناطق إدلب وريفها والحدود التركية، فكان لابد من تشكيل جسم مدني خاصة في ظل غياب التكتلات المدنية كحكومة الإنقاذ ومجالس المهجرين التي تقدم خدمات للمدنيين، وعدم وجود كبير للمنظمات الإغاثية والإنسانية، فكان تشكيل المجلس نتيجةً حتمية لجمع أهالي الشرقية المهجرين والقيام على خدمتهم وتأمين متطلباتهم وحل مشكلاتهم والبحث عن فرص عمل لأبناء المنطقة المهجرين، ويقوم على المجلس نخبة من الكوادر والشخصيات المعروفة لدى الأهالي، كما يتألف المجلس من عدة مكاتب: إغاثي وصحي ومكتب علاقات عامة ومكتب سياسي.
ما أبرز اهتمامات الصحفيين من حيث الأسئلة التي وجهت لكم؟
“غسان أبو إلياس”: كان الاهتمام البارز لدى الصحفيين خلال اللقاء يصب في أعداد العوائل المهجرة من المنطقة الشرقية في منطقة إدلب وريفها وكيفية وصولهم إلى هنا، إذ تم التنويه إلى أن أعداد العوائل وصلت إلى أكثر من 8000 عائلة نازحة في مناطق إدلب وريفها فقط، حيث بدأ وصول هذه العوائل منذ سقوط المنطقة بيد داعش، إلا أن هذا العدد انخفض إلى 4000 عائلة منذ سنيتن، وعند سؤال الضيف عن هذا الانخفاض أوضحنا أن السبب هو الحملة العسكرية التي شنتها عصابات الأسد والاحتلال الروسي على مناطق ريف إدلب وحلب، ونزوح كثير من الأهالي من مناطق معرة النعمان وريف إدلب الجنوبي والشرقي إلى ريف حلب الشمالي أو الأراضي التركية أو أوربا للبحث عن المناطق الآمنة، وفي حال اندلاع حملة عسكرية جديدة فإن أعداد هذه العوائل مرشحة للانخفاض، وكان تجمع أبناء المنطقة الشرقية المهجرين في هذه المنطقة بالتحديد هو وصول هذا الكم الهائل منهم دون وجود مناطق آمنة أخرى كمناطق نبع السلام أو غصن الزيتون أو درع الفرات في ذلك الوقت، وأيضاً مسألة قربها من الحدود التركية لعبت دوراً في البقاء في منطقة إدلب وريفها نتيجة وجود الإحساس بالأمان الجزئي لدى الأهالي.
هل دار حديث بينكم وبين ضيفكم حول علاقة المجلس المدني لمهجري الشرقية مع الجهات الحكومية التي تدير محافظة إدلب؟
“غسان”: نعم، كان ذلك بعد أن سأل الضيف عن رضا المجلس المدني عن حكومة الإنقاذ السورية العاملة في إدلب، فكان الجواب أننا شعب محب للتنظيم والإدارة الناجحة وهذا ما وفرته الإنقاذ في منطقة وجودنا، فحين تأسس فيه المجلس في منتصف 2016 لم تكن حكومة الإنقاذ قد تشكلت، ولكن المرحلة التي أعقبت تشكيل الحكومة فرضت واقعاً جديداً في التعامل معها كونها الجهة الحكومية الرسمية الوحيدة والمشرفة على عمل المجالس المحلية في المنطقة، على سبيل المثال، عند طلب الحكومة لموظفين لديها قمنا بتقديم أكبر عدد ممكن من أبناء الشرقية للعمل ضمن دوائرها، الأمر الذي خلق جواً من إيجاد صيغ تعاون وتأمين فرص العمل لشباب الشرقية ومشاركتهم في إدارة منطقة الشمال المحرر، وتأمين ممثلين للمحافظات الشرقية في أغلب المجالس المحلية في المناطق المحررة ومتابعة قضايا الأهالي ومشكلاتهم والعمل على تأمين احتياجاتهم.
بما يخص عودة الأهالي إلى مناطق سيطرة “قسد” باعتباركم مسؤولي مجلس المهجرين.. هل تم الحديث حول ذلك مع الصحفيين الأجانب؟ وما هي الرسالة التي أوصلتموها إزاء هذا الموضوع؟
أستاذ “غسان” : نعم أخي الكريم تم التطرق لهذا الموضوع بشكل مفصل بعد سؤال ضيفنا الصحفي عن سبب امتناع آلاف العوائل والشباب من العودة إلى مناطق شرق الفرات التي تحكمها قسد والمدعومة من قبل القوات الأمريكية، حيث بينّا خلال الحديث الأسباب التي أدت لتفضيل البقاء في الشمال المحرر على العودة لشرق سوريا، إذ يعتبر العدو الأول لأبناء المنطقة الشرقية هو النظام المجرم والمحتل الروسي والميليشيات الإيرانية التي لا تخفي أهدافها في منطقة غرب الفرات من احتلال الأرض وتغيير العقيدة السنية لأهالي المنطقة، ومحاولة قلب المنطقة برمتها للمعتقد الشيعي وتغييرها ديموغرافياً، ولا تختلف عصابات الأسد كثيراٍ عن ميليشيات إيران، أما روسيا فهي دولة مصالح في سوريا ولكنها تدعم النظام وإيران على الأرض بكل الوسائل المتاحة، كل هذا أدى لإحجام غالبية سكان غرب الفرات عن الرجوع لمناطقهم وتفضيل البقاء هنا أو الخروج للدول المجاورة أو الدول الأوربية.
أما بالنسبة لمناطق سيطرة قسد لم نكن نعتبرها بداية عدواً لنا ولكن هي من عادت أبناء المحافظات الشرقية، وذلك من خلال فشلها في الملف الأمني والملف الاقتصادي وتحسين الأوضاع المعيشية للسكان في مناطق سيطرتها فضلاً عن توفير الرفاهية التي باتت حلماً لهم على الرغم من سيطرتها على كافة حقول الغاز والنفط وما تحويه من ثروات باطنية ومنشآت نفطية، إلا أن عمالة “قسد” وإدارتها الذاتية مع النظام المجرم ودعمه بالنفط واستمرارها في ذلك شكل نقطة فارقة في أي تقارب مستقبلي معها، أضف إلى ذلك ملاحقتها للثوار وقتل رموز العشائر العربية في المنطقة وتهميش دور المكون العربي في إدارة المنطقة، بما فيهم أبناء العرب الذين هم داخل صفوف قواتها ومن بينهم “أبو عيسى” قائد فصيل ثوار الرقة “أبو صالح الشعيطي” قائد ما يسمى بجيش النخبة و “أبو إسحاق أحواز” و “أبو بكر قادسية” وغيرهم.
كل هذا وغيره أفقد المهجرين الأمل بالعودة لحكم “قسد” في المنطقة، مع انقطاع أي بادرة تغيير لهذه السياسة من قبلها.
بالنسبة لقتال الثوار لتنظيم داعش منذ بداية ظهوره.. هل تم توجيه رسالة بهذا الخصوص؟
وما هو الموقف الأمريكي من استمرار دعم “قسد” والوجود الإيراني في في غرب الفرات، بالتزامن مع تسلم “جو بايدن” للرئاسة؟
“سيد أحمد”: ركز الحضور من أبناء المنطقة الشرقية وعددٍ من الشخصيات الممثلة للمنطقة في طرحهم حول قضية قتال أبناء المحافظات الشرقية لتنظيم داعش، حيث دامت المعارك سنة كاملة قبل تدخل التحالف الدولي في حين تخلى الجميع عن هؤلاء الثوار وتركوهم يواجهون مصيرهم ويجابهون الحملة البربرية والشرسة التي شنها التنظيم ضد أبناء المنطقة عموماً، ودون تقديم أي طرف سواء كان دولياً أو محلياً يد العون للفصائل التي صمدت طويلاً في وجه داعش وأخذت على عاتقها -دون مساعدة من أحد- نقل الوجه البشع والفكر الخبيث الذي يحمله هؤلاء القتلة.
وأكد ضيفنا “هايني” على أن الرهان الأمريكي على “قسد” جاء بعد فشل المفاوضات بينهما وبين الجيش الحر والتي استمرت لمدة 6 أشهر، في سبيل بناء تحالف على الأرض، أدى هذا الفشل إلى انتقال العروض الأمريكية إلى قوات قسد، مع تأكيده على أن السياسة الأمريكية في المنطقة لن تتغير بعد تسلم “بايدن” للسلطة وبقاء القوات الأجنبية سيدوم طويلاً بالتزامن مع الضغط الذي تفرضه إدارة بايدن على قسد للانفصال عن “حزب العمال الكردستاني “PKK” إرضاءً لتركيا وذلك بهدف تخفيف الدعم المقدم لقسد على الأرض، وسط محاولات لإيجاد تشاركية بين المكون العربي وقسد في إدارة المنطقة وحكمها، إضافة لذلك ذكر الصحفي أن هناك مؤشرات على فتح معركة من قبل الجيش التركي للسيطرة على مدينة عين العرب وريفها وذلك بسبب عدم وقوعها تحت الحماية الأمريكية، مشيراً إلى أن القيادة الكردية بما فيها مظلوم عبدي تحاول الظهور بمظهر الشخصيات الوطنية ونفي أي ارتباط لها بـ PKK.
أما بالنسبة للميليشيات الإيرانية وانتشارها بمناطق غرب الفرات فأكد ضيفنا “باتريك” أن السياسة الأمريكية إزاءها لن يتغير في الوقت القريب، في حين تعتمد الإدارة الأمريكية بشكل رئيسي على العقوبات الاقتصادية التي تفرضها على النظام وداعميه ومن بينهم إيران وأذرعها في المنطقة، مع الأخذ بعين الاعتبار أن الوضع الاقتصادي للنظام لا يزال في حالة انهيار وتدهور مستمرة، كما يعاني من تفكك المؤسسات الحكومية.
بحسب الرؤية الغربية عموماً والأمريكية خصوصاً.. ماهو المصير الذي ينتظر المناطق المحررة وسط تهديد النظام وروسيا بشن حملة عسكرية عليها؟
“سيد أحمد”: فيما يخص الملف العسكري بإدلب نقل الصحفيان لنا الرؤية الغربية والأمريكية حيال الوضع الميداني في الشمال السوري والتي تدور حول بقاء الهدوء على جبهات القتال مستمراً لأن تكلفة كسر هذا الهدوء ستكون باهظة على الطرفين، مع تأكيدهم أن هدوء جبهات القتال وصل ولأول مرة إلى هذه المدة الزمنية، وأن روسيا في غنىً عن فتح معركة جديدة في إدلب مخافة الدخول في حرب وصراع مع تركيا.
وأضاف الصحفيان أن انفتاح إدلب على الخارج ودخول الوفود الأجنبية والإعلامية شكل نقطة تحول كبيرة في تغير وجهات النظر الغربية، بالتزامن مع امتلاك المحرر للعملة الصعبة وإلغاء التعامل بالليرة السورية وبناء المؤسسات الحكومية وضبط الملف الأمني والخدمي كل ذلك غير من النظرة السوداوية التي كانت تلف المنطقة الخارجة عن سيطرة نظام الأسد.
This Post Has 0 Comments