skip to Main Content

“قسد” ولعبة التقسيمات الإدارية

مقال رأي

– منذ وصول قسد إلى المنطقة في أواخر صيف / 2017/ مدعومةً من التحالف الدولي وسيطرتها على أجزاءٍ واسعة من جغرافية مناطق ريف دير الزور على حساب انحسار التنظيم الذي بدأ يتراجع بشكل دراماتيكي.. وقد أطلقت قسد الوعود البراقة والأحلام الوردية للمنطقة وأهلها للبدء بصفحةٍ جديدة وحياة يملؤها الأمن والأمان والعيش الكريم بحياة عزيزةٍ حرة..
ولكن ما إن انقشعت سحابة التنظيم عن المنطقة حتى بدأت قسد تظهر على حقيقتها، ويظهر فشلها المريع في الإدارة والقيادة و تُركت المنطقة تجابه مصيرها وحدها، وهي قد نفضت للتو عن نفسها آثار حروب طاحنة دمرت البشر والشجر والبنى التحتية ولمدة سنوات، فهذه الحرب أوجدت وضعاً استثنائيا أمام كافة الأطراف لمعالجة آثار المعارك وتبعاتها، وبالتالي استحقاقات المرحلة والعمل على تقديم الخدمات الأساسية للسكان، وقد عجزت جميع الأطراف في معالجة ملفات المنطقة الأمنية منها، والخدمية والصحية والتعليمية والزراعية.. ففي الملف الأمني ونتيجة لحالة التصارع والتنافس على المنطقة ومن خلال خلايا هذه الأطراف وتلك فقد عاشت وتعيش المنطقة وضعاً أمنياً مريباً، فما تزال آلة القتل تحصد أرواح المواطنين في المنطقة وأضحى المواطن في شرق الفرات يعيش تحت رحمة عنصر المفاجأة في ظل الفلتان الأمني المنتشر.
أما الجانب الخدمي فلولا تدخل المنظمات الدولية والمحلية في المنطقة مع قلة هذا التدخلات وعدم تناسبها مع احتياجات المنطقة لكان الوضع كارثياً، فقامت بإصلاح محطات المياه و إعادة تأهيل بعض النقاط الطبية.. وبعض الأعمال من دعم الاستقرار وسبل العيش مما ساهم في التخفيف من وطـأة الواقع المعيشي..
وتعريجاً على المجلس المدني لدير الزور فمنذ تشكيله في 2017 أظهر عجزه وتخبطه في إدارة المنطقة وانتشار الفساد والمفسدين في ثناياه حتى أضحى حديث الشارع دون وجود بوادر تلوح في الأفق في حل معضلة إعادة هيكلته هيكلةً جذرية والزج بالنخب الواعية والفاعلة من أبناء المنطقة، إذ تواجه إعادة الهيكلة مشاكل جمة منها تمسك وتشبث قادته بكراسي مفاصله، إضافة إلى تنافس وتصارع الكوادر مع المجلس العسكري حول شكل وآلية المرشحين للمناصب، أضف إلى ذلك دور الوجهاء والشيوخ الموالين لقسد وبحثهم عن حصتهم في هذه التشكيلة… وكذا دور اللاعب الرئيسي(التحالف الدولي) السلبي حيال ذلك حيث يقف موقف المتفرج .
كل هذه المعطيات أبقت الأوضاع على حالها وتراوح مكانها وعليه فقد لعبت قسد لعبتها في المنطقة ولم تترك باباً إلا وطرقته في سبيل الإبقاء على هذا الوضع من أجل تنفيذ سياساتها وأجندتها في المنطقة من خلال الاستفادة من عامل الوقت وخير مثال على ذلك إعادة الهيكلة المزعومة للمجلس المدني والتي انقضى أجلها منذ أشهر ولم تستطع أن تنفذ هذا الاستحقاق نتيجةً لحدة الصراع بين الأطراف المهيمنة على سير الأمور، إضافة إلى عوامل أخرى ذكرناها آنفاً، لتقوم قسد بـ لعبة أخرى وهي اللعب على التقسيمات الإدارية من خلال إيجاد أتباعٍ لها من المنطقة قاموا بدور “الكومبارس” في المسرحية الهزلية التي تنوي تمثيلها على المنطقة، فهؤلاء قدموا أنفسهم للأطراف الأخرى أنهم ممثلو المنطقة وساداتها و ولاة أمورها، فهؤلاء حكماً أحد الأطراف التي أوصلت الأمور وأحوال المنطقة إلى ما وصلت إليه دون أدنى شك في ذلك .
لقد طُرحت فكرة التقسيمات الإدارية وفي جعبة من يسعون إلى تنفيذها تحقيق الأهداف الآتية :
أولاً : صرف النظر عن مآلات الوضع السياسي وإشغال السكان في هذا الطرح في ظل انسداد الأفق في عملية التحول السياسي على مستوى البلاد كلها، ومن ثم استمرار قسد في تسلطها وتهميشها للمكون العربي بالرغم من حديثها المضحك عن تمثيل المكون العربي عبر أتباعها الذين قامت بصناعتهم على مزاجها..
ثانياً: الالتفاف على الاستحقاق الأكبر وهو إعادة هيكلة المجلس المدني لدير الزور هيكلةً جذرية حقيقية من خلال أخذ المكون العربي دوره في إدارة وقيادة مناطقه بالاعتماد على الكفاءات والنخب الواعية والفاعلة .
ثالثاً : إيقاف عجلة الحراك الشعبي الذي تشهده المنطقة والذي يدعو إلى التغيير ومحاربة الفساد والمفسدين انطلاقاً من الحراك الذي تقوده قبيلة العكيدات .
رابعاً: إدخال المنطقة في صراعات بينية داخلية حول شكل وآلية التقسيمات الإدارية وما يتبعها من تعيين الموظفين وأعدادهم إلى غير ذلك مما يفتح الباب أمام إذكاء الفتنة بين العشائر والمكونات القبلية وعليه إدخال المنطقة في نفقٍ مجهول .
خامساً : العزف على عامل الوقت في المنطقة بهذا الطرح أو ذاك دون الاهتمام بالملفات الهامة كالملف الأمني والخدمي والصحي والتعليمي..
سادساً: الاستفادة من قاعدة “فرق تسد” للاستمرار في نهب خيرات المنطقة ومواردها وإبقائها تحت وصاية كوادر قنديل في مشهد يشبه الضحك على اللحى.

ـ و بناءً على ما سبق فإن قسد نسيت وتناست أن محافظة دير الزور على الرغم من العثرات والكبوات التي مرت و تمر بها، مازالت فيها من النخب والكفاءات والفعاليات الاجتماعية الشريفة ما يجعلها قادرةً على تجاوز هذه المرحلة العصيبة من تاريخها، فالمكون العربي بكل أطيافه كشف اللعبة التي تلعبها هذه الأطراف، أو تلك في المنطقة و عليه بدأ يتململ ويعي ما يدور حوله، فالمنطقة اليوم تشهد حراكاً مميزاً لتجاوز الظرف الراهن والعمل على نقل المنطقة إلى واقعٍ أفضل بالاعتماد على الموارد البشرية والإمكانات المادية من الثروات المتنوعة، ومما لاشك فيه أن قسد ترتكب خطأً جسيماً بحق المنطقة وبحق نفسها من خلال التعويل على عامل الوقت والتعامل مع أطرافٍ قامت بصنعها بنفسها، هذه الأطراف قامت بدور “الكومبارس” بامتياز في مسرحيتها الهزلية التي تمثلها على المنطقة، فكان الأجدر بها أن تخطو خطوات إيجابية من خلال بناء شراكة حقيقية لا وهمية زائفة في إدارة المنطقة لحين تحقيق أهداف السوريين بسوريا حرة موحدة وكسب ودِّ المنطقة وأهلها بدل أن تزرع نزاعاً كامناً.
إن إنجاز استحقاق إعادة هيكلة المجلس المدني هيكلةً جذرية حقيقية يأخذ فيها المكون العربي دوره في إدارة وقيادة مناطقه كفيلٌ بمعالجة الأوضاع التي تمر بها المنطقة، وليس طرح لعبة هدفها إدخال المنطقة فيما لا تُحمد عُقباه دون أدنى شك، فليست المشكلة في شكل التقسيم بقدر ما هي بمن يقود هذا التقسيم ومن يشرف عليه وما هي الآلية المتبعة في ذلك ؟! ومن يقود المنطقة ؟وما هو شكل العلاقة والشراكة بين مختلف الأطراف، عندها فقط لا مشكلة.

كتبه لـ “نداء الفرات” الناشط الميداني: “عمران محمد”

This Post Has 0 Comments

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top