يُعتبر التاريخ مرآة الحاضر ومن أجل فهم ما يجري في وقتنا الحالي يجب التمعن في…
ميليشيا حزب الله بين الانسحاب من سوريا والتموضع بشكل أكبر!
يتجلى الموقف العاطفي لحزب الله في ميله للدفاع عن المركز والتخلي عن الأطراف. في حال صحة رواية اندلاع معركة برية وتصاعد حدتها، من المتوقع أن ينتقل الحزب بشكل متسارع نحو لبنان. ومع عدم وجود تفاهمات كاملة مع قوات الأسد، فمن المحتمل أن يترك هذا الانتقال ثغرات كبيرة تدفعه إلى التخلي عن مساحات واسعة من سوريا والاتجاه نحو لبنان. وكلما طالت مدة المعركة، زادت احتمالية انسحاب حزب الله من سوريا بشكل كامل.
من الناحية اللوجستية، يسعى الحزب للحفاظ على المرتكزات التي أنشأها في سوريا، حيث يعتبرها مراكز لوجستية مهمة تضمن استمرار دعم عملياته. بالإضافة إلى ذلك، يرى الحزب في سوريا مكانًا آمنًا لعائلات مقاتليه في ظل الظروف الأمنية المتوترة في لبنان. هذا يجعله حريصًا على الحفاظ على تلك المواقع الاستراتيجية.
التحديات الداخلية والخارجية والسيناريوهات المحتملة
يواجه الحزب صعوبات جمة داخلياً بسبب تصرفه بفوقية تجاه مليشيا الأسد. هذا التوتر الداخلي يجعل من الصعب الحفاظ على التفاهم والتحالف بين الطرفين، خاصة مع احتفاظ حزب الله بمناطق معينة يمنع جنود الأسد من دخولها وهذا لا يروق لهم، يلجأ الأسد إلى سياسة التطفيش والتخلي عن المليشيا للحفاظ على نفسه، مما يعقد الوضع أكثر ويعزز من احتمالية انسحاب حزب الله من سوريا. قد يحاول الحزب انتزاع انتصار وهمي ليقنع به أتباعه ويحافظ على مكانته في محور المقاومة المزعوم.
انسحاب حزب الله من سوريا قد يعيد تشكيل الساحة الإقليمية. فقد يؤدي هذا الانسحاب إلى تعزيز نفوذ القوى الأخرى، وأهمها هيئة تحرير الشام وفصائل الجيش الوطني. وهذه فرصة لاستعادة مناطق كانت تحت سيطرة حزب الله، مما يزيد من تعقيد المشهد السياسي، خاصة بما يتعلق بتركيا وتفاهماتها مع إيران وروسيا.
بين الانسحاب والتموضع بشكل أكبر، يجد حزب الله نفسه أمام خيارات صعبة ومعقدة. ففي حين يسعى للحفاظ على مكتسباته في سوريا، وهذا قد يكون مستحيلاً مع تصاعد المعارك والضغط على مركز ثقله، يواجه الحزب تحديات داخلية وخارجية قد تدفعه إلى إعادة النظر في استراتيجيته والتكيف مع المتغيرات. في حال نجح بامتصاص الصدمة وصد الهجوم البري، قد يتمكن من خوض معركة على غرار ما جرى في غزة، لكن هذا السيناريو يبدو مستبعداً في ظل مقتل قيادته وتخبط من بقي.
أحمد العبود – أبوعمر العكيدي
This Post Has 0 Comments